الرئيسية » مقالات » أقسام الكلية » علم النفس

مراحل النمو الأنفعالي والمعرفي
أولاً : النمو الانفعالي:
يعرف الانفعال بأنه حدوث استجابة فسيولوجية على شيء من الشدة كأن تكون زيادة مفاجئة من ضربات القلب، أو تعرق شديد أو انقباضات تقلصية لعضلات الجهاز الهضمي، أو ازدياد ضغط الدم أو توتراً في الجهاز العضلي أو إفراز لهرمون الأدرينالين وغيرها. بحيث يحدث هذا الارتباط مع شيء داخلي من قبيل الحاجة أو الصورة البصرية أو الفكرة أو شيء من المنبهات الخارجية. والاسم الذي نخلعه على الانفعال مثل حينما نقول انفعال الخوف أو الغضب أو الفرح يتحدد بحسب محتوى الصورة البصرية أو طبيعة الحاجة الداخلية أو ما يدل عليه معنى المثير الخارجي المؤدي لذلك الانفعال.

وأهم المظاهر الانفعالية التي يعانيها الأطفال هي:

الخوف:

وأهم مظاهره توتر في عضلات المعدة وشعور بالضيق والتوتر وهو أكبر عائق يقف في سبيل نموهم الصحي النفسي السليم. وللآباء تأثير كبير في تعلم هذا الانفعال، فبالرغم من أن بمقدورهم أن يساعدوا أطفالهم بالتغلب على مخاوفهم إلا أنهم في الوقت نفسه يكون لهم دور سلبي باعتبارهم مصدراً أساسياً لتلك المخاوف.
لقد أجريت العديد من البحوث وبيّنت أن الخوف مكتسب. والأطفال يتعلمون الخوف في محيط الأسرة وهم يبدون استعداداً قوياً لالتقاط مخاوف آباءهم. ويبدو هذا واضحاً في مخاوف مثل الخوف من الكلاب، والحشرات والعواصف والرعد. (Hagman، 1932، P. 110).
وهناك طريقتان تنتقل بها مخاوف الآباء إلى الأبناء الأولى وهي التوحد أو التماهي حيث يقوم الطفل بتقليد أو ادخال خوف والديه بصورة لا شعورية.
أما الطريقة الأخرى فهي التعلم الاجتماعي حيث يقوم الطفل بتقليد سلوك والديه في انفعال الخوف بوعي وشعور. فالأم التي تخاف زوجها ويتحول هذا الخوف إلى سلوك ذي مظاهر واضحة ومؤثرة على الطفل فإن الطفل قد يخاف والده أيضاً إذا قلّد سلوك أمه وبذلك يغدو الأب موضع خوف وموضوع منفر ينتج عنه سلوكيات خاصة تمثل الموقف الجديد للطفل تجاهه.

القلق:

إن جذور القلق توجد دائماً في العلاقات التي تقوم بين الأطفال ووالديهم في المراحل المبكرة من حياة هؤلاء الصغار. فحينما تتذبذب العاطفة الأسرية بين الوالدين والطفل أو تضمحل فعندئذ قد يستخدم الآباء العقاب القاسي أو يقيّمون الطفل تقييماً سلبياً أو يقرّعونهم على كل ما يصدر منهم وحينما يكون اتجاه الوالدين في تنشئة أبنائهم بهذا الشكل فإن الاحتمال الأكبر أن يصاب الأبناء عندئـــذ بالقلق. فإن القلـــق الذي يترتــب على مثل هــذه المعاملـــة السيئة يمكن ان ينقلب إلى خوف مقيـــم واضطراب مزمن (إسماعيل، 1986، ص 254).

خصائصة :
تشير الدراسات المتخصصة فى هذا المجال إلى أن الانفعالات تؤدي دور مهم فى حياة الطفل فى مرحلة ما قبل المدرسة ؛ نظرا لتميزها عن انفعالات الراشدين حيث تتميز أنها قصيرة المدى وكثيرة، ومتقلبة ، وحادة فى شدتها . وتتميز هذه الانفعالات أيضا بأنها شديدة ومبالغ فيها (غضب شديد – حب – كراهية – غيرة …) ويتركز الحب كله حول الوالدين وتظهر الانفعالات المتمركزة حول الذات (خجل – إحساسه بالذنب – ثقة – لوم ذات) .
ومن ابرز النمو الانفعالي فى هذه المرحلة الشعور بالقلق والخوف وما ينتاب الطفل من نوبات غضب ، وإحساس بالغيرة ، ومن أهم مسببات هذا القلق والخوف : الرغبة فى كشف المجهول الذى يحيط به.
وفى سن الخامسة يتكون نوع من الاستقرار فى حياة الطفل الانفعالية نتيجة ، للأمان والطمأنينة التى تسود علاقته بأمه ، ومع ذلك فهو لا يزال عنيدا ، ويستمر ذلك معه حتى نهاية المرحلة .
وهكذا يلاحظ أن حالة الطفل الانفعالية فى هذه المرحلة بكل ما فيها من حب ، وقلق ، وخوف وحاجة للأمن والطمأنينة ، والتحكم فى البيئة التى لن تتحقق إلا بخفض التوترات عند الطفل وأفضل طريقة لذلك هى الإجابة عن كل تساؤلات الطفل المرتبطة بهذه النواحي .
ولعل مما يستخلص مما سبق أن جوانب النمو السابقة لا تنفصل عن بعضها البعض ، بل ترتبط ببعضها بطريقة أو بأخرى ، وتشكل فى مجملها الشخصية الإنسانية فلا يمكن فصل أحد هذه الجوانب عن هذا الكل الواحد (الشخصية) إلا بغرض الدراسة والبحث فقط ، وحتى عند هذه الجزئية لابد أن يضع الفرد فى ذهنه أن هذا الجانب أو ذاك ليس منفصلا ، ولا مستقلا تماما عن غيره من الجوانب الأخرى بل من الضروري أن يؤثر فى غيره من الجوانب التى تتكامل معه وتشكل هذا الكل الواحد .
فالأمر الذى لا يحتاج إلى تأكيد هو أن النمو الإنساني عملية كلية ومتكاملة ، فلا ينبغى أن ننظر إلى جانب من جوانب النمو منفصلا عن غيره من الجوانب الأخرى ، وهذا يعنى أن يعمل على تنشئة الطفل تنشئة متكاملة تحقق نموا شاملا فى النواحي الشخصية والاجتماعية والدينية والصحية والعلمية والفنية والسياسية .
ودراسة مراحل النمو المختلفة سواء أكانت جسمية ، أم عقلية ، أم لغوية ، أم انفعالية ، أم اجتماعية – تساعد بشكل أو بأخر على تعرف تساؤلات الأطفال ، والأسباب الكامنة وراء هذه التساؤلات ، وكذا توضيح ما الدور المنوط بالمحيطين بالطفل لإشباع تلك الرغبة المتدفقة للبحث ، وحب الاستطلاع ، وكثرة التساؤلات ، ففهم هذه الخصائص يساعد المعلمة ، والوالدين ، وكل من يتصل بالطفل على احترام مشاعره والإجابة عن تساؤلاته الإجابة الصحيحة التى تقدم له العون والمساعدة .

ثانيا : النمو المعرفي

خصائص النمو المعرفي عند الطفل العاجز سمعياً

مما لا شك فيه أن الصمم أو ما يعرف عند البعض بالعجز السمعي له عدة نتائج والكل يتفق على أنها سلبية مما تحُول دون النمو السليم للطفل.لعل العامل الاهتمام المتزايد ضمن علم النفس و فروعه المختلفة لا خير دليل على ما يوله الدارسين بهذا النوع من الإعاقات خاصة منها الدراسات المعرفية التي تهتم بنمو الذكاء و باقي القدرات العليا الأخرى. ونظرا لأهمية الذكاء بالنسبة للطفل و مستقبل مكتسباته و على رئسها الأكاديمية منها سنحاول في هذا المقال تسليط الضوء على مميزات النمو المعرفي عند فئة الأطفال الصم،وقبل ذلك لابد من الإشارة جملة من الأسباب نراها تفسر سبب الاهتمام المتزايد بالنمو المعرفي عند هذه فئة أكثر من غيرها من فئات العجز الأخرى.و هنا لا ريب إن قلنا أن سبب الاهتمام إنما يعود بالدرجة الأولى إلى رغبة الباحثين في دراسة خصائص العلاقة الموجودة من جهة بين اللغة - التي أُتفق على أنها أعلى القدرات الرمزية عند الإنسان- و ما هو غير لفظي في عملية التواصل،و من جهة أخرى ما كل من شأنه أن يضمن في السنوات الأولى من حياة الطفل نفس وظيفة اللغة علما أن هذه الأخيرة تعد أول القدرات التي تتأثر بوجود الإعاقة السمعية. بالإضافة إلى ما سبق الذي يطول فيه الحديث نرى أيضا أن سبب هذا الاهتمام ينحدر في حقيقة الأمر من كون الطفل العاجز سمعياً يعد محروم من ملكة اللغة،و هذا ما من شأنهِ -حسب النظرة السائدة- أن يُساعد على دراسة النمو دون عامل تأثير اللغة.طبعاً هذه النظرة لها بعددين اثنين كونها لا تدرس فقط ما ورد فيما سبق، إنما قد تقود إلى استخلاص دور و تأثير اللغة في مسار العام للنمو و كذا مسار النمو المعرفي خاصة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن مسار النمو يسير في إتجاه موحد رغم اختلاف أشكال النمو و نقصد بذلك النمو العاطفي و النمو النفسي جسيمي و ما إلى ذلك تماماً كما هو الحال بالنسبة لنمو اللغوي حيث يشهد كل شكل مسار نمو خاص به يختلف فيه كل شكل عن الآخر لنكنه يصب في نفس الاتجاه آلا و هو المسار العام للنمو. و هنا نفتح قوسين لنذكر فيها القارئ أن يضع نصب عينه مثلا تأثير غياب اللغة على النمو النفسي و الاجتماعي و ما يخلفهُ على المسار العام و لا يختلف اثنان حينئذ إن قُلنا أن حتى النمو المعرفي يعد هو الآخر أحد أشكال و مكونات هذا المسار العام للنمو و حتما سيتأثر . و نظراً لأهمية هذا العنصر الأخير في مقامنا هذا ألا و هو النمو المعرفي عند الأطفال العاجزين سمعيا نرى أنهُ من الضروري أن ننطلق من المسلمة القائلة بأن الطفل العاجز سمعياً يتبع في نموهِ المعرفي نفس المراحل التي جاءت بها النظرية التكوينية و ذلك كما توصلت إليهِ دراساتDabsyshire (1986) التي أكدت على أن الطفل الأصم يتبع بطريقة أكثر بطيئة نفس الفترات التطورية التي أشار إليها J.Piaget .و لعل أهم شيء توصلت إليه العديد من الدراسات التي حذت حذو هذه الأخيرة خاصة منها التي حاولت البحث قي صميم هذه القضية.و التي نجدها قد خلصت إلى معطيات أهمها أن الطفل العاجز سمعياً يتبع نفس المراحل التطورية التي يتبعها الطفل السليم سعيا.لكن هناك ثمة ما يُميزهُ عن هذا الأخير.من أهم هذه الخصائص و المميزات نجد تلك التي أشار إليها M.Bartin (1979) حيث يرى هذا الأخير أن الاختلاف بين الفئتين لا يكّمن في مستوى طبيعة البنية إنما على مستوى توظيف هذه الأخيرة .طبعاً في هذه الحالة يقصد بالتوظيف هو تلك الكيفية التي يعتمدها الطفل في حل مشكلة أو تسير تبادل و نُشير هنا أن بالنسبة للتوظيف الخاص بالطفل العاجز سمعياً هنالك العديد من يُشير أن هذا الأخير يعتمد فيها أساساً على المظاهر الشكليةAspect figuratifs ،بما أنهُ يعتمد ويبقى أسير المداعبة العفوية و التقليد و لمدة طويلة مما يُسبب له هذا التأخر . و لكن الملفت للانتباه في كل هذا أن تأخر للأطفال العاجزين سمعياً يُحيلهُ نفس الباحث إلى فقر التعزيزات المقدمة من طرف المحيط حيث يذكر قائلاً […تأخر الأطفال لا يرتبط فقط بغياب اللغة الشفوية ، و لكنهُ يرتبط أكثر بالفقر المسيطر على النمو و كذا قلّة الخبرة التي يقدمها المحيط العاجز …] . وعليهِ فإن الخلاصة التي يمكن نصل إليها من كُل هذا أنهُ لا يمكن القول بأن سبب تفضيل الأطفال العاجزين سمعياً للمؤشرات الشكلية في تعاملهم مع الوسط الخارجي تعود فقط لغياب اللغة إنما هناك عوامل أخرى من بينها ما يقدمه المحيط و يُوفره للطفل العاجز سمعيا ( الأصم ) . أضف إلى ذلك أن الطفل العاجز سمعياً يُظهر إلى جانب ما سبق ذكرهُ صعوبة خاصة إن دّلت على شيء إنما تدل بالفعل على وجود صعوبة من نوع خاص تربطها علاقة بالجانب المعرفي ، هذه الصعوبة نرها تتمثل في عدم قدرتهِ على توقع العواقب إلا عند بلوغهِ سن متقدم،و هذا مما يعني أنهُ يبقى لفترة طويلة أسير المؤشرات المدركة مقارنة مع الطفل السليم سمعياً ، و هنا نؤكد أن استبعاد دور اللغة لا يعني أننا نقلل من أهمية تأثير التبادلات اللغوية إنما نعتقد أنهُ لا يمكن أن يكون غياب اللغة وحدهُ عاملاً رئيسياً للتأخر .لأنهُ من جهة حسب النتائج المتوصل إليها من طرف M.Bartin إن اللغة الشفوية لا تلعب دور(كبير) في تكوين البنيات التفكير … ، و من جهة أخرى أن الأطفال العاجزين سمعياً غالباً ما يتمركزون في المرحلة الثانية من مراحل نمو الاحتفاظ ( la conservation ) معتمدين في ذلك على المظاهر الإدراكـيـة للأشياء .و عليهِ فإن ما يمكن أن نقولهُ أو بالأحرى نؤكدهُ هو أن عامل غياب اللغة لا يتحمل وحدهُ سبب التأخر الملاحظ عند الطفل المصاب بالعجز السمعي إنما هناك أسباب أخرى قد يكون لها دور أكبر بكثير مقارنةً باللغة في مســـــــار النمو المعرفي، و هنا نشير على سبيل المثال إلى ما أكـــــــدتهُ دراســـــات Furth (1987) في هذا الصدد، أن الأطفال العاجزين سمعياً يتشابهون مع فئة الأطفال المنحدرين من وسط اجتماعي و ثقافي ميسور بقولهِ أن مجموعة الأخيرة تحصلت على نتائج متشابهة إلى حد بعيد مع مجموعة الأطفال العاجزين سمعياً (...) إذا كانت ثقافة و كيفيات الحياة لا تغذي باستمرار أو على الأقل لا تشجع العادات الفكرية سيكون احتمال ظهور الذكاء المنطقي ضئيل جداً …] . و عليه بعد أن اطلعنا على جملة من الآراء التي أردنا من خلالها إبراز المميزات و الخصائص العامة التي يتميز بها نمو الذكاء ( الحسي الحركي و كذا الذكاء التمثيلي) و ما يعكسهُ من قدرة على التوظيف المعرفي عند الطفل الأصم ،نعتقد أنهُ أصبح بإمكان للقارئ في ختام هذا المقال ان يبني فكرة عامة عن النمو المعرفي و متطلباته عند الطفل الأصم .
علم النفس |كتب من قبل: كاروان | بتاريخ: 2012-02-01 | مشاهده: 775 | الترتيب: 0.0/0
مجموع المقالات: 0
إضافة تعليق يستطيع فقط المستخدمون المسجلون
[ التسجيل | دخول ]
جديد الموقع
ارسل صوتك
مارأيك بالموقع
مجموع الردود: 161
طريقة الدخول